تأملات علمية في سورة الطارق

أشار القرآن الکریم إلی مواضیع علمیة کثیرة تشیر إلی الإعجاز العلمی للقرآن الکریم بعد تطور العلوم وکشفها لحقائق علمیة حيث قد أشار إلیها القرآن الکریم قبل قرون.

  • 1 January 2023

وتقع سورة الطارق في الجزء الأخير من أجزاء القرآن الكريم البالغ عددها ثلاثين جزءًا، فهي السورة السادسة والثمانون في ترتيب المصحف الشريف، تسبقها سورة البروج وتليها سورة الأعلى، كما أنّها تُعد من قصار السور إذ يبلغ عدد آياتها سبعة عشر آيةً كريمة، وهي من السور التي تلقّها الرسول الكريم في مكة المكرمة، ومن مقاصدها الإيمان بالملائكة والقرآن الكريم والبعث وقيام الساعة، وبيان صورٍ من صور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم كخلق الإنسان وغيرها، ويعود سبب تسميتها إلى أنّ الله تعالى أقسم بالطارق في مستهلها وذلك في قوله: "وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ؛ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ".

الطارق هو جرم سماوي له صفتان وهما النجم والثاقب، ولو قارنا بين تلك الخواص وأي جرم سماوي لوجدنا أن النجم النيوتروني يستوفي هذه الخواص نجم وطارق وثاقب، له نبضات وطرقات منتظمة؛ فالطارق يصدر طرقات منتظمة متقطعة تشابه تماما تلك التي ينقلها لنا اللاسلكي والتي كان مصدرها النجم النيوتروني.

النجم النيوتروني له أعلى كثافة معروفة للمادة إذ إن جاذبيته تعادل (200) مليار مرة جاذبية الأرض، وهذه النجوم النيترونية المنكمشة ثقيلة جداً حتى إننا لو أخذنا كمية بحجم "مكعب سكر" سوف يزن (100) مليون طن، يعدل وزنها خمسين ألف بليون (مليار) من الأطنان، فإذا وضعت هذه الكرة على الأرض ثقبتها، ووصلت إلى طرفها الآخر.

ويبدأ هذا النجم بالدوران حول نفسه بشكل هائل، فيدور مئات الدورات في الثانية وله نبضات سريعة لسرعة دورانه وسرعة طاقته مما يولد حوله مجالاً كهرومغناطيسياً قوياً جداً، هذا المجال يولد أيضاً صوتاً يشبه صوت المطرقة، لذلك فإن العلماء وجدوا أن أفضل تسمية لهذه النجوم هي المطارق العملاقة، حتى إنهم يطلقون عليها في أبحاثهم هذا الاسم، ولكن لماذا؟

لأنهم وجدوا أن هذه النجوم تصدر أصواتاً تشبه تماماً صوت المطرقة، ولكن هنالك بعض العلماء تساءلوا: كيف يمكن أن يكون الصوت حقيقياً، ونحن نعلم أن الصوت لا ينتشر في الفراغ، فهذه النجوم بعيدة عنا جداً وتفصلنا عنها سنوات ضوئية فكيف يصلنا هذا الصوت مع العلم أن الصوت يحتاج لوسط لكي يسير فيه، لأن الصوت لا ينتشر في الفراغ.

ولكي نؤكد صدق هذه الأبحاث فإن العلماء سجلوا هذه الأصوات وعرضوها من مواقعهم العلمية، وهي أصوات حقيقية سجلتها الأجهزة، مع أن الصوت لا ينتشر في الفراغ إلا أن الأجهزة تستطيع تسجيله بتقنيات خاصة، بعد تحليل الأشعة الراديوية الصادرة عن النجم. ولذلك فإن الله تبارك وتعالى سمى هذا النجم (الطارق) وهنا أحب أن أشير إلى أن العلماء يسمونها النجوم النابضة، وهذه التسمية غير دقيقة لأن العلماء ظنوا في بداية الأمر أن هذه النجوم تشبه نبضات القلب، ولكن بعد ذلك تبين لهم أن التسمية الأدق هي تسمية مطرقة أو مطارق، فأسموها المطارق العملاقة، وبالفعل فإن الصوت الذي تصدره هذه النجوم يشبه تماماً صوت المطرقة.

هناك تلسكوبات لاسلكية تلقت ومضات لاسلكية من هذه النجوم وعلى درجة كبيرة من الدقة، فالإشارات تصل على صورة متقطعة: (بيب.. بيب.. بيب)، وتستمر كل إشارة منها كسورًا من الثانية وتتكرر كل ثانية أو أكثر (نبضات نوبية)، وكأن هذا النجم يطرق باب الفضاء، حيث يتزايد تواتر النبضات النوبية في شبابه، ويقل تواترها في شيخوخته، ونعرف من خلال تواتر النبضات التي تأتي عن طريق التلسكوبات اللاسلكية عمر هذا النجم، فنجم يطرق، ونجم يثقب، ولو قارنا بين تلك الخواص وأي جرم سماوي لوجدنا أن النجم النيوتروني يستوفي هذه الخواص نجم وطارق وثاقب له نبضات وطرقات منتظمة، فالطارق يصدر طرقات منتظمة متقطعة (تك. تك. تك) تشابه تمامًا تلك البيبات التي نقلها لنا اللاسلكي، والتي كان مصدرها النجم النيوتروني، فمن رحمة الله علينا الصوت لا ينتشر في الفراغ ولذلك نحن لا نسمع صوت هذه النجوم وهذا لأن صوتها لو وصلنا لصم آذاننا على الفور!! ولكن العلماء بعدما حللوا الأمواج الراديوية ودرسوا آلية عمل هذه النجوم وجدوا أنها تصدر هذه الأصوات، وتوصل العلماء أيضا إلى أن النجم النيوتروني عقب مولده له نبضات سريعة لسرعة دورانه وسرعة طاقته، وأن النجم النيوتروني العجوز له إشارات بطيئة على فترات أطول، وذلك عندما تقل طاقته وتنقص سرعة دورانه، وهذا شيء من أحدث البحوث الفلكية.

ما هو الثاقب؟

بعد دراسة طويلة لهذه المخلوقات الكونية وجد العلماء أن هذه النجوم تصدر موجات أسموها موجات جاذبية تشبه موجات الجاذبية الأرضية، ولكن أقوى بملايين المرات، هذه الموجات موجات يصدرها هذا النجم النيوتروني، ويقول عنها العلماء بالحرف الواحد (إنها تثقب وتخترق أي شيء تصادفه) حتى إن الكرة الأرضية تُخترق بالكامل من قبل هذه الموجات التي تبثها النجوم النيوترونية أو المطارق الكونية.

ولذلك فإن الله تبارك وتعالى عندما سماها بالنجم الثاقب، فإن هذه التسمية دقيقة جداً علمياً، ويستخدمها العلماء اليوم، ويقولون إنها تخترق أي شيء، حتى إن هذه النجوم تصدر أيضاً أشعة كونية من مادة اسمها (النيوترينو) وهي جسيمات صغيرة جداً لا شحنة لها، تبثها هذه النجوم وتصل إلى الأرض وتخترق الغلاف الجوي، وتخترق أجسامنا، وتخترق الأرض بالكامل، حتى إنهم نزلوا إلى أعماق البحار فوجدوا آثاراً لهذه الجسيمات الصغيرة (نيوتريونو) ونزلوا إلى أعمق نقطة على سطح اليابسة ووجدوا آثاراً لهذه الجسيمات الدقيقة، ولذلك فإن كل شيء تبثه هذه النجوم يعتبر ثاقباً وخارقاً لأي شيء. ويقول العلماء اليوم: إن هذه النجوم النيوترونية أو الثاقبة تُصدر هذه الموجات وتصدر هذه الطرقات بدقة مذهلة، حتى إنهم يعتبرونها من أدق الساعات الكونية على الإطلاق، يعني هذه النجوم أدق من أي ساعة على الأرض، فهي تصدر هذه الطرقات بصورة شديدة الانتظام، ولا تخطئ في عملها أبداً.

ومن رحمة الله علی خلقه أن صوت النجم لایبث ولا نسمعه لأنها مؤذیة للبشر لو کان یسمعها.

رأي المشارکین

قل رأیک حولنا